16 - 08 - 2024

ترنيمة عشق| (القُبح ابن شرعي للجهل)

ترنيمة عشق| (القُبح ابن شرعي للجهل)

أثار هدم قصر "أندراوس باشا" حفيظة المهتمين بالأثار والتّراث والجَمال؛  بل وجماهير "السوشيال ميديا"... وللمرّات النّادرة يجمع الكل على رفضهم لهدمه مهما كانت المبرّرات.

قصر "أندراوس باشا" بالأقصر بناه "يس باشا أندراوس" والد "توفيق باشا" الزّعيم الوفدي والشّخصية الوطنية المعروفة والمشهود له بالأعمال الوطنية الجريئة. 

بناء القصر كان عام 1879 عند نزوح عائلة "أندوراس باشا" من مدينة "قوص"، حيث يطل على نهر النّيل ويتكون من طابقين، يوجد بكل طابق العديد من الغرف المبنية على (الطّراز الإيطالي) الفريد ويحوى عددًا كبيرًا من الكنوز والقطع الأثرية النّادرة؛ من أهمها: سيارة مطلية بالذّهب تعود لـ "جميل بك" ابن "توفيق باشا" وحفيد "يس باشا".

 القصر كان شاهدًا على تفاصيل حكاية "توفيق باشا" مع الزّعيم "سعد زغلول"؛ ففي عام 1921 بعد أن تحدّى "توفيق باشا" مدير الأمن العام ومنع الباخرة التي يستقلها مدير الأمن من أن ترسو على أى شاطئ من شواطئ المدن بحجة المحافظة علي الأمن العام... وقع اختياره على "توفيق باشا" نائبًا عن دائرة الأقصر فى انتخابات مجلس الأمة، وفاز بأغلبية ساحقة، ثم أعيد انتخابه مرّات عديدة، وفاز بها لمحبة أهل الأقصر له وتقديرهم لشهامته وشجاعته.

القصر شهد أيضًا وفاة "توفيق باشا" عام 1935 وكان حينذاك جنديًّا مدافعًا عن حقوق مصر وأبناء الأقصر؛ فبكاه الأقصريون.

وفي ذكرى الأربعين حضر الزّعيم "مصطفى النحاس" رئيس الحكومة المصرية آنذاك حفل التّأبين بالقصر، وألقى خطبة عصماء في تأبينه.

في العقود الأخيرة نشبت خلافات ونزاعات بين "ابنتيّ توفيق" والحكومة من أجل انتزاع القصر وإعادته إليهما، وقد حكمت المحكمة فيما بعد بإعادته إليهما... 

لكن العجيب أنّه فى 7 يناير عام 2013 استيقظ أهالي الأقصر على أبشع جريمة قتْل مرّت بها، فقد عُثر على جثتي "لودي وصوف" ابنتيّ "توفيق باشا" وهما ملقاتان بجوار سُلم بالقصر؛ بعد أن تم قتلهما بآلة حادة على رأسيهما، وكانتا حينها في العقد الثّامن من عمريهما.

وظلّ قصر "توفيق باشا أندراوس" الواقع فوق "معبد الأقصر" فى الواجهة المطلة على النّيل مباشرة مكان يحيطه الغموض لسنوات طويلة؛ خاصةً بعد قيام ثورة 1952م ورحيل معظم أفراد عائلة "يس أندراوس" شقيق "توفيق باشا أندراوس" عن المنزل المجاور لمنزل "توفيق أندراوس"، فى حين ظلت "ابنتا توفيق" فى القصر ترفضان الرّحيل عنه حتى تم اغتيالهما.

ويبلغ سعر القصر الذى طلبه الورثة لبيعه للمتقدمين للشّراء حوالى 75 مليون جنيه... 

السؤال هنا: من يملك الحق في هدم التّاريخ والتّراث والجَمال والفن... مؤكَّد "الجهل" وحده الذي يملك... كي يرتع القبح "كمان وكمان".
------------------------------
بقلم: حورية عبيدة

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | حتىٰ أنت يا بروتس ؟!